باريس: مع الانتشار الواسعالذي يشهده الموقع الإلكتروني الاجتماعي "فيس بوك" تزايدت المخاوف منحقيقة الجهات الخفية المسئولة عن الموقع والمستفيدة من المعلومات والأسرارالتي ينشرها المشتركين على صفحاتهم الشخصية ، خاصة مع تعالي الأصواتالمحذرة من التواجد الإسرائيلي والدور الأستخباراتي له على الموقع الواسعالانتشار.
وعقب أقل من أربعة أشهر من اعلان صحيفة "الحقيقة الدولية" أن موقع "فيس بوك" يعد ساحة خلفية للاستخبارات الإسرائيلية وانها تستخدمه لتجنيد جواسيس ، نشرت صحيفة "إسرائيل" اليهودية ملفًا واسعًا عن الموقع مؤكدة فيه أنه موقع استخباراتيإسرائيلي مهمته الحقيقية تجنيد العملاء والجواسيس لصالح دولة الاحتلال .
وذكرت صحيفة "الانتقاد"اللبنانية ان ملف الصحيفة الفرنسية تضمن معلومات عن أحدث طرق الجاسوسيةالتي تقوم بها كل من المخابرات الإسرائيلية والمخابرات الأمريكية عن طريقأشخاص عاديين لا يعرفون أنهم يقومون بمثل هذه المهمة الخطيرة ، حيثيعتقدون بأنهم يقتلون الوقت أمام صفحات الدردشة الفورية واللغو في أمور قدتبدو غير مهمة، وأحيانا تافهة أيضا ولا قيمة لها.
وكشف تقرير الصحيفة اليهودية الصادرة من فرنسا الكثير من المعلومات السريةوالهامة عن الموقع بعد تمكن المجلة من جمعها عبر مصادر إسرائيلية وصفتهاالمجلة بـ "الموثوقة".
وأفزع الكشف عن هذه المعلومات حكومة إسرائيل ودوائرها الدبلوماسية، لدرجةاتهام السفير الإسرائيلي في باريس المجلة اليهودية بـ "كشفت أسراراً لايحق لها كشفها للعدو"، وهو ما دفع الكثيرين إلى الاعتقاد بوجود جهازمخابراتي اسمه "مخابرات الانترنت".
ويطرح تقرير المجلة اليهودية المزيد من الشكوك حول استفادة إسرائيل من الكم الهائل من المعلومات المتاحة عن المشتركين من العالمين العربي والإسلامي وتحليلها وتكوين صورة إستخباراتية عن الشباب العربي والمسلم.
والخطير في الأمر هو أن الشباب العربي يجدنفسه مضطراً تحت اسم مستعار دون أن يشعر إلى الإدلاء بتفاصيل مهمة عنحياته وحياة أفراد أسرته ومعلومات عن وظيفته وأصدقائه والمحيطين به وصورشخصية له ومعلومات يومية تشكل قدراً لا بأس به لأي جهة ترغب في معرفة أدقالتفاصيل عن عالم الشباب العربي.
الكشف عن الشبكة
ويقول جيرالد نيرو الأستاذ في كلية علم النفس بجامعة "بروفانس" الفرنسية،وصاحب كتاب "مخاطر الانترنت": "إن هذه الشبكة تم الكشف عنها، بالتحديد فيمايو/ أيار 2001 وهي عبارة عن مجموعة شبكات يديرها مختصون نفسانيونإسرائيليون مجندون لاستقطاب شباب العالم الثالث وخصوصا المقيمين في دولالصراع العربي الإسرائيلي إضافة إلى أمريكا الجنوبية".
وأضاف جيرالد: "ربما يعتقد بعض مستخدمي الانترنت أن الكلام مع الجنساللطيف مثلا، يعتبر ضمانة يبعد صاحبها أو يبعد الجنس اللطيف نفسه عنالشبهة السياسية، بينما الحقيقة أن هكذا حوار هو وسيلة خطيرة لسبر الأغوارالنفسية، وبالتالي كشف نقاط ضعف من الصعب اكتشافها في الحوارات العاديةالأخرى، لهذا يسهل "تجنيد" العملاء انطلاقا من تلك الحوارات الخاصة جدا،بحيث تعتبر السبيل الأسهل للإيقاع بالشخص ودمجه في عالم يسعى رجلالمخابرات إلى جعله عالم العميل".
وبدأ موقع "فيس بوك" الذي يسجل انضمام أكثر من مليون عضو شهريًا، في طرحالمعلومات المتعلقة بأعضائه علنا على محركات البحث على الانترنت مثل"جوجل" و"ياهو"، بهدف الدخول المبكر في السباق لبناء دليل إلكتروني عالمييحتوي على أكبر قدر ممكن من المعلومات والتفاصيل الشخصية مثل السيرالذاتية وأرقام الهواتف وغيرها من سبل الاتصال بالشخص، وهوايات الأعضاءوحتى معلومات عن أصدقائهم، وينضم حاليا نحو 200 ألف شخص يوميا إلى "فيسبوك" الذي أصبح يستخدمه 42 مليون شخص، طبقا للموقع ذاته.
"العدو الخفي"
وتتوافق المعلومات التي نشرتها الصحيفة اليهودية الصادرة في فرنسا مع المعلومات التي كانت صحيفة "الحقيقة الدولية" الأردنية قد نشرتها بتاريخ 9 أبريل/ نيسان 2008.
وأكد تقرير "الحقيقة الدولية" الذي كان تحت عنوان "العدو الخفي" أن الثورةالمعلوماتية التي جعلت من عالمنا الواسع قرية صغيرة رافقتها ثورات أخرىجعلت من تلك القرية محكومة من قبل قوة غير مركزية أقرب ما تكون إلىالهلامية، تؤثر بالواقع ولا تتأثر به.
وأضاف تقرير الصحيفة: "أن الانترنت التفاعلي شكل بعد انتشاره عالميا واحدامن أهم أذرع تلك القوة اللامركزية التي بدأت بتغيير العالم بعد أن خلقتمتنفسا للشباب للتعبير من خلاله عن مشكلات الفراغ والتغييب والخضوعوالتهميش، والتمدد أفقيا وبصورة مذهلة في نشر تلك الأفكار والتفاعل معهاعربيا ودوليا".
وأشارت الصحيفة الأردنية إلى ان اللجوء إلى تلك القوة بات من المبرراتالمنطقية لإحداث التغيير الذي يلامس الواقع الشعبي وربما السياسي، كما حصلفي مصر بعد دعوات للعصيان المدني نشرت على موقع "الفيس بوك" والدعواتللاضراب في مصر في 6 أبريل.
استفادة إسرائيلية
وذكر تقرير الصحيفة أن هناك شعورًا عربيًا باستفادة إسرائيل من الكم الهائل من المعلومات المتاحة عن المشتركين من العالمين العربي والإسلامي التي توجد في موقع "فيس بوك" وتحليلها وتكوين صورة استخباراتية عن الشباب العربي والمسلم يستطيع من خلالها تحريك الشارع العربي.
وأضاف التقريرتستفيد إسرائيل من التكنولوجيا التفاعلية والمعلوماتيه لتحقيق أهدافها ، والشباب العربي والإسلامي بدون علم يتحول إلى جواسيس ويقدمونمعلومات مهمة للمخابرات الإسرائيلية أو الأمريكية دون أن يعرفوا لاسيماوان الأمر أصبح سهلا حيث لا يتطلب الأمر من أي شخص سوى الدخول إلىالانترنت وخاصة غرف الدردشة.
وهناك العديد من الجهات الإسرائيلية المهتمه بتحليل ما يصدر وينشر في العالم العربي ومتابعةما يجري فيه استطاعت في الماضي من خلال تحليل صفحة الوفيات بالصحف المصريةخلال حروب (56 و 67 و 73) وجمع بيانات حول العسكريين المصريين ووحداتهموأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية وهو ما أدى إلى حظر نشر الوفيات الخاصةبالعسكريين في فترة الحروب إلا بعد الموافقة العسكرية.
وكانت المصادر الإسرائيلية قد اعلنت بأن تحليل مواد الصحف المصرية ساهم فيتحديد موعد بدء حرب 1967 عندما نشرت الصحف تحقيقا صحافيا ورد فيه أن الجيشيعد لإفطار جماعي يحضره ضباط من مختلف الرتب في التاسعة صباح يوم 5 يونيو/حزيران.1967.